جامعة إربد الأهلية تحتفي باليوم العالمي للغة العربية

اخبار وفعاليات + إضاءآت: جامعة إربد الأهلية تحتفي باليوم العالمي للغة العربية

تاريخ النشر: 
2023.12.30 - 3:30 pm

مندوبًا عن الأستاذ الدكتور أحمد منصور الخصاونة رئيس جامعة إربد الأهلية، رعى الدكتور غسان الشمري/ عميد كلية الآداب والفنون، الاحتفال الذي أقامته كلية الآداب والفنون/ قسم اللغة العربية، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، بعنوان: اللغة العربية بين الماضي والحاضر، والذي شارك به كل من: الدكتور غسان الشمري/ عميد كلية الآداب والفنون، والدكتور كريم أبو سمهدانة/ كلية الآداب والفنون، والدكتور حمزة العيسى/ كلية الآداب والفنون، بحضور عمداء الكليات، وجمع كبير من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية، وطلبة الجامعة، في مدرج الكندي.

وألقى الدكتور غسان الشمري عميد كلية الآداب والفنون في بداية الحفل كلمة ترحيبية بالمشاركين والحضور، وتناول فيها ثلاثة محاور الأول حول العربية والعلوم وبُعد الاهتمامات الوجدانية التثقيفية، والثاني: الحرف العربي، والثالث: سوق العمل، إذ يشكل الحديث في هذه المحاور الثلاثة لونًا من ألوان العذاب والمتعة فهو يتطلب أول ما يتطلب معرفة المنبع والمصب المتمثلين: المنبع وهو العربية، والمصب وهو العلوم والتكنولوجيا وبُعد الاهتمامات الوجدانية والحرف العربي وسوق العمل، إذ يُعَدُّ بُعد الأهدافِ الوجدانيةِ وتنميةُ الاهتماماتِ والدوافعُ لدى كلِ الفئاتِ العربيةِ، من المقوماتِ الأساسيةِ والضروريةِ في نمو مهاراتِهم الإنتاجيةِ والإبداعية، التي تساعدُ على تنميةِ قدراتهم التراكميةِ، كما تؤهلُّهم لاكتسابِ سليقةٍ لغويةٍ متكاملةٍ، وأدنى اهتمامٍ يجبُ العملُ على تحقيقهِ لدى الطلبة، هو إقناعُهم بأنّ اللغةَ العربيةَ الفصحى لغةُ ثقافةٍ عريقةٍ، ولغةُ علمٍ وأدبٍ وفلسفةٍ، ولغةٌ لا تقلُ شأنًا وقيمةً عن أكثرِ اللغاتِ شيوعًا وتداولاً في عصر الفضاءِ والتكنولوجيا الحديثة، كالإنجليزيةِ والألمانيةِ والفرنسيةِ واليابانيةِ، بل إنّ اللغةَ العربيةَ تجمعُ بينَ خاصيتينِ أساسيتينِ قد لا تتوفرانِ في لغةٍ أخرى، وهي أنها تحتوي على تراثٍ علميٍ وثقافيٍ زاخرٍ بالمكتشفاتِ الرياضيةِ والهندسيةِ، والفيزيائيةِ والكيميائيةِ والطبيةِ، إلى جانبِ توفرها على ذخائر من الآدابِ والفلسفةِ والمنطقِ وعلمِ النفسِ والاجتماعِ والموسيقى، هذه العلومُ والفنونُ، التي اعتمدت عليها الحضارةُ المعاصرةُ في الغربِ في بناءِ تقدمِها وازدهارِها، بالإضافة إلى توفرِ المرونةِ والشموليةِ في اللغةِ العربيةِ، والقدرةِ على التكيفِ مع متطلباتِ العصرِ الحاضرِ، بأبوابِها الواسعةِ المفتوحةِ على المصطلحِ العلمي، ومبتكراتِ العصرِ الحديثِ، وذلك بالاشتقاقِ والتوليدِ والمصدرِ الصناعي والصيغةِ، والميزانِ الصرفيِ والزيادةِ والإلصاقِ والقياسِ الخ، ولهذا يجبُ توجيهُ الطلبةِ وإقناعِهم بأن اللغةَ العربيةَ كانت دائما وما تزالُ لغةَ الانفتاحِ على كلِّ ثقافاتِ العالمِ ولغاتهِإ إذن إن العربَ والمسلمين كانوا يشكلونَ الأمةَ التي تكادُ تنفردُ بهذه الميزةِ، وهي ميزةُ التفتحِ على العالمِ الخارجيِّ، والتعاملُ مع الآخرِ كيفما كان لونهُ أو جنسهُ، ومن ثَمّ التعامل بمرونةٍ مع الثقافاتِ والحضاراتِ الإنسانيةِ عبر العصورِ إلى وقتنا الحاضر. إن كلَّ طالبٍ وباحثٍ وعالمٍ اليومَ هو في أمسِّ الحاجةِ إلى هذا الاقتناعِ، حتى يتكوّنَ لديه الاهتمامُ الوجدانيُ الدنيويُ لتعلمِ اللغةِ العربيةِ واكتسابِ ثقافتِها، بل يجبُ إقناعُ المتعلم بأنَّ اللغةَ العربيةَ هي هُويته في بيتهِ، في مجتمعهِ، وفي العالمِ بأسرهِ. أما اللغاتُ الأجنبيةُ، فهي ضروريةٌ لكلِّ متعلمٍ وباحثٍ، وهي وسيلةٌ للتعاملِ والاطّلاعِ، وليست لغاتِ هويةٍ بالنسبة لكلِّ عربيٍ.

وأضاف إنّ من أولى الواجباتِ علينا كعربٍ محاربةَ الكابوسِ الوجدانيِّ، الذي يهددُ كياننا الفكري الثقافي، والعملَ على إقناعِ أنفسنِا وأبنائِنا وطلبتنا بأن اللغةَ العربيةَ، لغةُ تواصلٍ وثقافةٍ ودينٍ، تسمو بسموِّ أبنائها، وتنحط بانحطاطهم، وإن اللغةَ العربيةَ تُعتبر سجلاً لتاريخِ حضارات سادت العالم، ونالت إعجابَ سكانِ المعمورة.

وبين أن اللغةَ العربيةَ ما لبثت أن أصبحت هي لغةُ العلمِ والعلومِ على امتدادِ العالمِ، وأصبح على من يريدُ تعلمَ الطبِّ والهندسةِ في أوروبا وفي أي بقعةٍ من العالمِ، أن يقصدَ بغدادَ أو قرطبةَ ليتعلمَ العربيةَ أولاً، فإن أتقنها ونجحَ في امتحانِ الكفاءةِ فيها، باشرَ تعلمَ ما يريدُ من علومِ الطبِّ والهندسةِ والفيزياءِ والكيمياءِ والفلكِ وغيرها، نعم لا توجدُ ماهيةُ من مادةِ أو جزءِ من ماهيةِ بحثنا فيه إلا وجدنا للعربِ يداً فيه.

وقال: لقد ظلت اللغة العربية عبر التاريخ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الإسلامية، مما جعل البلاد الإسلامية غير الناطقة بالعربية تستعمل هذه اللغة لكتابة تراثها، ولذلك استخدم الحرف العربي في كتابة اللغات واللهجات الآسيوية والإفريقية، واستطاع أن يحتفظ بأصواتها الأصلية كاملة، إلا أن الحملات الاستعمارية قضت عليه وأحلت محله الحروف اللاتينية كما أساءت إلى اللغة العربية واللغات المحلية وفرضت عليها اللغات الأوروبية.

وتساءل: أين جهود المنظمة الإسلامية واليونسكو ومعاهد التعريب والجامعات من إعادة الترابط الثقافي بين الشعوب الإسلامية وتكوين ألفبائية عربية قادرة على كتابة اللغات الإفريقية صوتيًا وإملائيًا بالحرف العربي.

وأشار إلى أن مثل هذه المحاضرات والأبحاث تَفتح المجال الواسع لمن أراد تطوير اللغة العربية وتمكينها من أخذ مكانتها بين اللغات؛ ومما يَحُز في النفس الآن أن نرى باحثين لغويين يحللون أصوات اللغة العربية الفصحى أو لهجات بالأبجدية الدولية العالمية التي أغلب رموزها لاتينية بدعوة أنه ليس هناك أبجدية دولية بالرسم العربي، ونُهيب بالمؤسسات المَعنية بتطوير اللغة العربية وأقسام اللغة العربية بالجامعات العربية النظر في مثل هذه المحاضرات والأبحاث وبلورتها في واقع عملي يرقى بدراسة العربية من مجرد التلقين إلى آفاق أرحب وأوسع، والإنسان حكيم نفسه.

وتحدث الدكتور كريم أبو سمهدانة/ كلية الآداب والفنون، بكلمة حول عالمية اللغة العربية، قال فيها: لا يشك أحدٌ في أن اللغة العربية قد بَلغت العالمية يوم كانت الحضارة العربية في أوج عطائها، بعدما تم لها من الفتوحات ما بلغت به الحضارات شرقًا وغربًا، إذ كانت لغة العلوم بمختلف فروعها، وكان الإقبال على تعلـمها من غير أهلها على أشده، ولقد أحسنت المستشرقة الألمانية (زيغريد) هونكه في تصوير هذه الحقبة من حياة اللغة العربية حين قالت: "كان من الطبيعي أن تصبح اللغة العربية لغة الإدارة والسياسة والقانون، بل لغة للتجارة والمعاملات.

وأضاف بأن اللغة العربية هي جزء لا يتجزأ من الحضارات العربية والإسلامية، وبانتشار الدين الإسلامي في أرجاءالأرض تنتشر اللغة العربية ويزداد روادها على مستوى العالم، ولتلك الأهمية البالغة تمَّ اعتماد اللغة العربية كلغة هامة وأساسية في التداول والاستخدام بعدد كبير من المؤتمرات الدولية على مستوى العالم، واعتمدت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة اللغة العربية كثالث أهم لغة متداولة ومستخدمة بشكل فعال بأرجاء العالم، وهذا مصدر فخر لنا نحن المسلمون والعرب جميعاً، ولُغَتُنا يُسْرٌ لا عُسْرٌ، وإذا عاب بعضُهم لغتَنا لعُسرِها، فما عابوها لِذاتها بل عابوا المتشدِّدين بها الَّذين يتمسكون بالقديم في غير تَسَمُّحٍ والجمود عليه في غير ملاينة، والوقوف عند ظاهر النصوص والألفاظ البعيدة عن آليِّة اللُّغة، وروحية العصر، ولازمة التَّطور، وإنِّي مع تأكيدي على طواعية اللغة العربية واستطاعتها مجارات الرَّكب العلمي – على مقدار ما نريد لها، لا على مقدار ما تريد لذاتها – فإنَّني، رغم هذا الذي حسبوه عليَّ تفَلُّتًا من قوانين اللغة الجوامد، لا أترخَّص في سلامة اللغة وعربية التعبير، فاللُّغة، ليست شيئًا جامدًا، وإنَّما هي المستودع الأمين للتراث الاجتماعي، وهي العامل الأوحد لنشر هذا التُّراث، لذا كانت الرَّبط بين أفراد الأمَّة، بها يتسلَّم الجيل الطَّالع من الجيل المتواريّ نظرته في الإنسان، والطبيعة، والخالق، فتكون همزة وصل بين الأجيال مِصداقاً للقول بأنَّ " اللغة كائنٌ حيّ، يحيا ويموت تبعاً لمقتضيات الحضارة وحاجات العصر الذي نعيش".

واختتم حديثه، تظلّ هي الوسيلة الرّئيسة للاتصال، ومن ثمّ للتأثير في الإدراك بنحو تذكُّر الماضي عند الفرد والجماعة، ووعيهما بالحاضر، وتوقعهما وتنبؤهما للمستقبل، لذلك كان الاعتقاد السائد بأنّ العربية حفظت شخصية الأمة على مرّ الزمان، وهي لن تبخل بأداء هذه المهمة في زمننا الراهن، فهي لغة القرآن، وهي اللغة المقدّسة التي دخلت إلى شغاف القلوب والوجدان والعقول والضمائر والنفوس، ورسمت كل خطوة يخطوها الإنسان.

وتخلل اللقاء بأن قام الدكتور حمزة العيسى/ كلية الآداب والفنون، بتقديم قصيدة شعرية حول اللغة العربية، نذكر منها هذه الأبيات الشعرية:

لغةُ المفاخرِ يا سبيلَ صعودِنا في الفعلِ والألفاظِ والأوراقِ

دامتْ مكانَتُكِ البهيّةُ كُلما غنَّتْ حروفَكِ نغمةُ المشتاقِ

وإليكِ يا لغةَ البيانِ تحيةٌ مقرونةٌ بأمانةِ الأعناقِ

وقدم لبرنامج الحفل الدكتور صدام مقدادي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في الجامعة بكلمة قال فيها: أهلاً وسهلاً ومرحبًا بكم، وحيّاكم الله جميعًا في هذه الندوة التي يقيمها قسم اللغة العربية وآدابِها، في كلية الآداب والفنون، في جامعةِ إربدَ الأهلية، جامعةِ المجد والتاريخ، لنجدد فيها فخرنا واعتزازنا بلغتنا العربية، لغةِ الضاد، ولغةِ الوحي والقرآن، ولغةِ الأم التي تجمعنا دائمًا، هذه الفعالية التي حملت عنوانَ اللغةِ العربيةِ بين الماضي والحاضر، والتي يتحدث فيها أساتذتنا المبجلون، الذين نَعتز بوجودهم بيننا، والذين سوف يتحفوننا بأطايبِ الحديثِ من نثر وشعر، وذلك لما ألفناه فيهم من حسنٍ لقيادة ناصية اللغة، وتطويعهم لألفاظها ومعانيها، في هذا الصرح الشامخ كشموخ لغتنا.

وأضاف إن تحديد الثامنِ عشرَ من كانون الأولِ من قبلِ المنظمةِ العربيةِ للتربية والثقافةِ والعلومِ يومًا للغة العربية، ما هو إلا تعبيرٌ عما تكتسبُهُ لغتنا من أهمية في ضمير الأمة العربية ووجدانها، فهي لغة القرآن الكريم، وتراثُ الأمة وذاكرتُها، وهي لغة الحضارة العربية الإسلامية التي عن طريقها أبدع آلاف العلماء والأدباء الذين قدموا أعمالًا رائدة، ساهمت في صنع الحضارة الإنسانية، وإنَّ الاحتفاء اليومَ بلغة الضاد والإعلانِ من شأنها لدليلٌ على الوعي بالتحديات الكبرى التي تحيط بها في عصر أصبحت فيه العولمة الثقافية ظاهرة مهددة للهُويات والخصوصياتِ والتنوعِ الثقافي واللغوي، وهو كذلك إدراكٌ لضرورة الحفاظِ على اللغة العربية والنهوضِ بها، وحرصًا على ذلك فقد جاءت توجيهاتُ صاحب السموالملكي وليِّ العهدِ الأميرِ الحسينِ بنِ عبدِ اللهِ الثاني حفظه اللهُ، الراميةُ إلى ضرورة توحيد الجهودِ المبذولةِ تجاه اللغة العربية، وتمكينِ الشباب بالمزيد من المهارات ليكونوا سفراءَ عالميين، للغتنا الأم، مستخدمين أحدثَ التكنولوجيا لإبراز مكانتها وجماليتها، وتنفيذًا لهذه التوجيهاتِ تم إطلاقُ مبادرة "ض" للحفاظ على مكانة وألق اللغة العربية، والتي تنفذ حاليا بالشراكة مع مجمع اللغة العربية.

واختتم اللقاء، بالقول: باسم أسرة جامعة إربد الأهلية، وباسم الغيورين على لغتنا العربية، لا يسعنا إلا أن نتقدم بأسمى معاني الشكر وعبارات الامتنان لعطوفة رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد منصور الخصاونة لتفضله برعاية هذه الندوة، ودعا المولى عز وجل أن يحمي الله عروبتنا أهلَ لغتنا، وأن يحفظ اللهُ أردننا وقائدنا جلالةَ الملكِ عبدِ الله الثاني ابن الحسين المعظم.

ويشار إلى أن الحفل قد بدأ بالسلام الملكي، وترتيل آيات من الذكر الحكيم قدمها الطالب إبراهيم الرمضان، وعلى هامش المؤتمر فقد تم افتتاح معرض الخط العربي، والذي نظم له قسم التصميم الجرافيكي في الكلية، والذي نال اعجاب الحضور لما احتواه من العديد من اللوحات الفنية الخطية الكتابية.