تحت الركام ....بقلم الطالبة: لميس هناندة/ جامعة إربد الأهلية/ قسم اللغة العربية وآدابها

مقالات ودراسات: تحت الركام ....بقلم الطالبة: لميس هناندة/ جامعة إربد الأهلية/ قسم اللغة العربية وآدابها

تاريخ النشر: 
2023.11.02 - 5:15 am

من غزة الكبرياء
تحت الركام
ها أنا تحت الركام أحدثكم قبل ساعة من الوضع الراهن، كانت آخر أفكاري جادة نوعًا ما، لاهية، غالبًا كنت أحضر إبريق الشاي، وصوت الأخبار يَعُم أرجاءَ المنزل، وضجيج الطائرات ورائحة الدخان المتناثرة في الأجواء الغير مريحة؛ لكنا اعتدنا هذه الرائحة، وهذه الأصوات، ونمارس طقوس يومنا بشكل طبيعي في الظاهر كما اعتدنا الصمود.
وأنا جالسة أنتظر إبريق الشاي، والملِم قطع الخبز اليابسة لإطعام (محمد وفلسطين) فلذات كبدي، لأني بين تارة وتارة أسرح قليلاً في مخيلتي، متى يأتي دورنا ونستشهد.
المشهد وأنا اخبئ أطفالي بين ضلوع صدري، وأتحمل أنا الكدمات والضربات كي لا يمسهم سوء، ذهبت للصالة وناديت: فلسطين ومحمد، وجلسنا نتناول ما تبقى من الخبز.
أعلم بأنهم خائفون لكني كنت أمازحهم لعلي أشعرهم بالقليل من الأمان، وعند كل صوت يرعب أطفالي، أقول لهم كبروا (الله أكبر) وأكملنا الفطور الباهت المليء بالخوف، ركدت على سجادتي لأصلي الظهر، واستنجد الله، وما أن سجدت وارتفعت، إلا بفلسطين ذات الشعر الأشقر والعيون الخضراء الجميلة ابنة العامين ونصف تركض لتجلس في حضني، وفي هذه اللحظة شعرت وكأنه حان الوقت وتم قصفنا بنجاح، وها أنا تحت الركام أحدثكم، الظلام دامس هنا، الجو خانق مكبلة ومقيدة ممزقة لا شيء سوى الوجع، لا يمكن وصفه ولا تصويره، كل هذا لا يهم إلا أين فلذات كبدي؟ أين أطفالي؟ عاجزة عن مناداتهم. نظرت إلى جانبي فقط بمساحة عيني لأن هناك ضوء خافت يجعلني أرى يد فلسطين، ما يقهر في تلك اللحظة اني كنت اسأل نفسي، هل ابنتي عصفورة من عصافير الجنة أو أنها تشعر بنفس الوجع الذي أنا أشعر به، وأين محمد هل هو تحت الركام، أم تحت حجارة المنزل الذي كان هو الأمان لنا يومًا.
وها أنا أنظر ليد ابنتي فلسطين لا يظهر منها سوى يدًا دامية ممزقة، مثل غزة وحيدة، تلك اليد التي تقاوم وتنزف وجعًا، وباقي الجسد عاجز لا يتحرك تحت حجارة، أماني وأماني بيتي سلبت منا أبسط حقوقنا على هذه الأرض، من تحت الركام أحدثكم، عندي عزة إني ابنة غزة، قاومي يا فلسطين، قاومي يا ابنة قلبي، أملي بالله وبالنصر القريب.