بإشهار كتاب "صحفي بحجم الوطن".. الأردن يحتفي بالصحفي الراحل بدر عبدالحق

ثقافة وفن: بإشهار كتاب "صحفي بحجم الوطن".. الأردن يحتفي بالصحفي الراحل بدر عبدالحق

جفرا نيوز - احتفى منتدى الجياد الثقافي في الأردن، مساء الأحد الماضي، في مقر بيت الثقافة والفنون، بمحطات مشرقة وإنسانية من حياة الصحفي الراحل بدر عبدالحق، حيث شهد إشهار كتاب ”صحفي بحجم الوطن – بدر عبدالحق“ للكاتب جروان المعاني.

والكتاب، هو الجزء الأول من 4 أجزاء، بمشاركة الصحفي محمد داوودية، والصحفي صالح راشد، والدكتور حسام عفوري، والشاعر علي الفاعوري، والتي تجمع مقالات الصحفي بدر عبدالحق كاملة، والتي تم نشرها دون التدخل في مضامينها.

موقف سياسي ورؤية استشرافية

”الصحفي بدر عبدالحق، يمثل جيل الكلمة في عصرها الذهبي“، هكذا وصفه راعي الحفل، أمين عام وزارة الثقافة هزاع البراري، في كلمته.

وقال إن ”بدر عبدالحق مثّل حالة فريدة في المشهد الثقافي الأردني، كأديب، وصحفي، وصاحب موقف سياسي ورؤية استشرافية، وكان لا يهادن ولا يساوم على كلمته وموقفه“.

وأضاف أن ”الكتاب يعيد إحياء مثل هذه الشخصيات، وتقديم إرثها الكبير، فمن حق هذا الجيل أن يعرف الكلمة في عصرها الذهبي، عندما كانت الكلمة سيفًا وبندقية“. مشيدًا بالجهد الكبير، الذي بُذل، لتوثيق سيرة الصحفي بدر، في هذا الكتاب.

إبداع نادر.. وصمود في الحياة والمهنة

وأشاد رئيس مجلس إدارة جريدة ”الدستور“ الصحفي محمد داوودية، في كلمته، التي تضمنها الكتاب، بسيرة حياة الصحفي الراحل بدر، مؤكدًا أنه كان من المبدعين القلائل الذين عرفهم الأردن، وأحد رواد الأدب الساخر.

وأكد داوودية، أن بدر عبدالحق، يمثّل جيل الكتّاب الكبار، الذين كانت كلمتهم أقوى من السلاح.

وكتب الصحفي داوودية، في كلمته الافتتاحية للكتاب:

بدر عبد الحق: المحنة والبطولة

تنجِب الشعوبُ كاتبًا، وربما كُتّابا كل يوم، ولا تنجب الشعوبُ مبدعًا كل عام. وربما لا تفعل، كل عشرة أعوام.

تميّز بدر بالرّقة في علاقاته، وبالشّدة في مقالاته. وتميز صاحبُنا بالود والعذوبة والدماثة، وكان لفرطِ دبلوماسيته، يصلحُ سفيرًا بامتياز.
وبأمانة، فإننا لم نكتفِ من بدر عبد الحق، ولم نشبع منه.

قسا عليه الزمنُ مرات. فقد مُنِع من الكتابة في مطلع الثمانينات، مع عدد من كتابنا الكبار، وقت أن كان الكاتب فيلقًا:

عبد الرحيم عمر، وفهد الفانك، وطارق مصاروة، وفهد الريماوي، وخالد محادين، وفخري قعوار، ومحمد داودية.

وتم تسفير بدر بالبيجاما، من إحدى الدول العربية، لا على جريمة احتيال، بل على كتابة مقال.

تزاملنا في كتابة المقالة الصحفية. وفي مجلس نقابة الصحفيين. وفي الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين. وفي الدفاع عن حقوق الانسان. وفي العمل من أجل الحريات العامة، والديمقراطية والتنوير والحداثة.

تتمثل مِحنة بدر، وبالترابط، محنة زوجته سلاّمة والأسرة، في أنه غاب وتسرب وانحسر، في غير أوانه، فانطفأ وانكفأ إلى عزلة قسرية، وعتمة اجتماعية وإلى صمت شاقٍ مفجع.

لقد تألم ألمًا قاسيًا مُرًا، اطلعتنا على نزر منه سلاّمة في كتابها ”في انتظار البدر“.

كان مرضُه أطولَ عملية اغتيال تعرض لها إنسان، وانسانة، وأسرة رقيقة رهيفة. سلاّمة الأم وثلاث بنيّاتٍ، كزغب القطا: ميس، و وسن، و سمر.

صمت طويلًا طويلًا، هذا الذي دعا الكتّاب إلى أن يلوذوا بالصمت، كي لا يضطروا إلى الكتابة خارج الهدف، لأنّ الصمت صدق، كما قال.

تميزت كتابات بدر بالإِدهاش، والسخرية اللاذعة، والدعابة، والتهكم، بحيث يمكن تصنيفه أحد رواد الأدب الساخر، وهو ما تجلى في مقالته ”مشروعٌ لإنشاءِ دولة.

استمرت مِحنة بدر 15 سنة ثقيلة قاسية عليه، وعلى أسرته.

نعرف كلنا الكثير من السيدات الزوجات، والأمهات، والشقيقات، والكريمات المجالدات، اللواتي كرّسنَ كلّ ما يجب، من أجل العناية بأزواجهن وأسرهن.

هؤلاء، أنجبتهنّ قيمُ بلادنا ومناقبُها العظيمة.

ومنهن زوجتُه سلاّمة، التي حملته خلالها، على عمرها وروحها، فحفظت ضعفه وكرامته.

نفتقد بدرًا الصحفي والكاتب، فالكتّاب وفرة و كثرة، أما المبدعون فنُدرة.

أحيي الكاتب هزاع البراري، أمين عام وزارة الثقافة، وبيت الثقافة والفنون، على إحياء ذكرى بدرنا المحتجب، وهي السُّنّة التي تنعش الذاكرة الوطنية، وتضيف إلى معرفة الأجيال الجديدة، ما هو أصيل وإبداعي.

ويجدر أن أذكّر، بأنه كان للمقالات حضور وتأثير، لدرجة أنها قد تخلق مشكلة، أو تردم فجوة بين دولتين.

فقد حصل أن عاتب الرئيس الفرنسي شيراك، الملك الحسين، وهو يستقبله على درج الإليزيه، على مقالة لخالد محادين في الرأي، وكان خالد مديرًا للإعلام في الديوان الملكي.

كان الجميع في الأردن، يبدأ نهاره بقراءة الصحف: الملك، ورئيس الوزراء، ومدير المخابراتن ومدير الأمن، ووزير الإعلام، والوزراء، والأحزاب السرية، والسفاراتن والإذاعات.

وكان الكاتب يهز ويعز، وله ”وهرة“.

كتب بدر عبد الحق، مقالة، أشفق فيها على اللص الذي تسلل إلى بيته، فلم يجد ما يسرقه، إلا جهاز تلفزيون ”سكراب“ قديم.

اتصل الملك الحسين صباح اليوم نفسه، مع الكاتب بدر عبد الحق، ومازحه طويلًا، وأوعز بإرسال أحدث وأكبر جهاز تلفزيون في البلد الى بيته، وقد أخبرتني زوجته سلاّمة، أنها لا تزال تحتفظ بهدية الملك!!.

هاجس الصحافة والأدب

بدورها، سلطت الكاتبة سلَّامة الجماعيني، زوجة الراحل عبدالحق، الضوء على أبرز المحطات في حياته، وتطرقت لتجربته الصحفية وطقوسه في الكتابة، مشيرة إلى أن أول مجموعة قصصية كتبها بالشراكة مع فخري قعوار، وخليل السواحري، وكانت تلك الشرارة لجيل من المبدعين الجدد.

وتقول الجماعيني، إن ”بدرًا كان يبقى على قلق، حتى يخرج المقال للنور، ثم ينتظر ردود الأفعال عليه، كأنه تلميذ أنهى امتحانه للتو“.

يُذكر أن بدر عبد الحق، وُلد سنة 1945، في قرية إرحابا/ إربد، وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق، وعمل مدرسًا في وزارة التربية والتعليم، ثم محررًا في صحيفة ”الوحدة“، وسكرتيرًا للتحرير في صحيفة ”الظفرة“، ومديرًا للتحرير في صحيفة ”الوثبة“ في الإمارات العربية المتحدة، وسكرتيرًا للتحرير في صحيفة ”الرأي“، وأدار تحرير مجلة ”أفكار“ الثقافية الشهرية التي تُصدرها وزارة الثقافة، وعمل مديرًا للتحرير في صحيفة ”الأيام“ البحرينية، ورأس نادي أسرة القلم الثقافي بالزرقاء، وانتُخب عضوًا في الهيئة الإدارية لرابطة الكتّاب الأردنيين لأكثر من دورة، وعضوًا في نقابة الصحفيين الأردنيين.

تاريخ النشر: 
2021.08.14 - 12:00 am