دكاترة الإدارة والسياسة في الدولة .. بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي

مقالات ودراسات: دكاترة الإدارة والسياسة في الدولة .. بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي

تاريخ النشر: 
2021.07.14 - 12:00 am

قالوا : إسأل مجرّبا ولا تسأل حكيما.
المثل واضح وفيه معنى كبير، يقدره المنطقيون وأهل القيافة والعيافة وأهل التقدير، لكنه يُقال بشكل خاطىء حسب اعتقادي، (إسأل مجرب ولا تسأل طبيب).. وبالتالي تختفي كثير من مضامينه المهمة، التي تقلل من شأن الحكمة وأهميتها، فنحن نعلم تمام العلم أن الحكمة تفوق العلم وفيها خير كثير، (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)..صدق الله العظيم.
السياسي هو الشخص الذي يعرف أكثر عن إدارة الدولة، والمقارنة هنا مع الطبيب، وعلى الرغم من أن الطبيب في مجتمعنا وفي المجتمع الإنساني على العموم، شخص يقوم بمهمة إنسانية عظيمة، تحتاج الى معرفة واختصاص ولا يبلغها الطبيب المجيد إلا بعد تعب وسيرة عملية (تجارب) كثيرة وحافلة، لكنها كلها في مجال الاختصاص فهي مهنية وليست سياسية ولا اجتماعية او اقتصادية..
والحكيم في شؤون الحياة العامة يعرف عنها ويمكنه تقييمها بشكل أفضل من الطبيب، ومع ذلك قالوا إسأل الذي خاض تجربة ما، ولا تسال حكيما، ولا ذكر هنا للطبيب.
أكثر من عام ونصف، وشؤون البلاد اليومية العامة تخضع للرعاية الطبية، وتوصيات لجنة الأوبئة، وكانت هناك قرارات سياسية كثيرة خاطئة أو غير مثالية لإدارة الدولة ضمن ظروف استثنائية صحية، تتطلب دقة في القرار، وكانت هذه القرارات السياسية مبنية على توصيات (دكاترة لجنة الأوبئة)، الذين يعملون في القطاع الحكومي، وتناولنا في الاعلام وفي كل حواراتنا اليومية تلك الأخطاء، التي سقطت فيها الحكومة السابقة، بينما لم تسقط فيها الحكومة الحالية بشكل فعلي حتى الآن، لأنها تجاوزتها سلفا، حين أعلنت ما يشبه البرنامج السياسي، حيث اعلنت عن خطتها لتحقيق صيف آمن وعودة طبيعية للقطاعات كلها بأن تعمل بكامل طاقتها (التعافي).
ما زال الأطباء مستمرون بالمحاولة، يريدون إخضاع السياسة والإدارة العامة للدولة، كي تصدر على شكل أوامر دفاع، مبنية على توصياتهم الصحية..
فهم يتعاملون حرفيا مع الجائحة والفيروس، ولا يتعاملوا مع الشعب، ولا اعتبر هذا خطأهم إن تمخض عن أضرار، لكنه خطأ أهل السياسة والفكر والقانون والادارة.
ليس من حق الطبيب أن يصدر قرارات بشأن التعليم مثلا، لكن وبكل تأكيد أن من واجبه أن يقدم رأيا طبيا بكل ما يمكنه من موضوعية ودقة، أما التعليم فهو من مسؤوليات الدولة، التي تنفذها من خلال الحكومة ومؤسسات التعليم الرسمية، فالحكومة والسلطات المعنية بالشأن السياسي وإدارة شؤون الدولة، وبموجب الدستور، هي التي تقرر مثلا ان تتحمل ضغوطا على المنظومة الصحية، مقابل أن يعود التعليم وجاهيا، وأن لا يستمر الطلبة في الغياب عن الغرفة الصفية والمعلم..
يجب ان نتعلم من التجارب التي خضناها خلال عام ونصف، وأن نحاول انقاذ بعض القطاعات التي قد تشكل مشكلة عصية على الحل من قبل الدولة، في حال استمر اغلاقها ولم تبادر الدولة لتحريرها من قيود الجائحة.
الحكومة ناجحة حتى الآن في تنفيذ خطتها لمواجهة الجائحة وتداعياتها، ويجب عليها أن تنجح نجاحا كاملا، وكذلك لجنة الأوبئة وأعضاؤها الذين نقدرهم، يجب ان لا يقدموا رأيا واحدا خارج الشأن الصحي، فهم ليسوا أصحاب القرار السياسي..