مقالات ودراسات: الاتجاهات الحديثة في التعليم ... بقلم : الأب عماد الطوال- الفحيص
يستمر مشهد التعليم في التطور، فمع ظهور التكنولوجيا الحديثة لم يعد التعليم يقتصر على الدروس الصفية، بل حاولت المؤسسات التعليمية إدخال أساليب وأدوات جديدة تساعد في تنمية المهارات المختلفة، وفي حين يركز نظام التعليم التقليدي على النظرية، فإن الاتجاهات الحديثة لا تقتصر على إعطاء المعرفة فحسب بل تشمل الخبرة العملية أيضًا، وتهدف إلى التطوير الكامل لشخصية الفرد حتى يصبح قادرًا على مواجهة تحديات الحياة.
هنا سنذكر بعض الاتجاهات التعليمية الحديثة التي تعيد تشكيل المجال التعليمي اليوم:
الذكاء الاصطناعي: من الواضح أن أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة ستصبح جزءًا من تجارب التعلم لدينا، وستختبر مدارسنا هذا التغيير، في حين أن هذا المستوى من التغيير يمكن أن يجلب تخوفًا، فإنه يمهد لطرق ووسائل جديدة في سياق التعلم، هذه الوسائل لديها القدرة على مساعدة الطلبة من جميع الأعمار، إنه التعلم الشخصي الذي وُعدنا به منذ فترة طويلة، ولكن حتى الآن لم يأت بثماره، مع استمرار تقدم استخدام الذكاء الاصطناعي في مدارسنا، فإن نمو وتوسع تقنيات التعلم الشخصية يمكن أن يعيد تشكيل كيفية ومتى وماذا وأين يتم التعلم، الجمع بين قوى الذكاء الاصطناعي والتعلم الشخصي سيجعل التعليم أكثر تأثيرًا وقوة ويطور سلوكًا ذاتيًا ومسؤولًا منذ سن مبكرة لدى الطلبة.
استراتيجية التعلم المدمج: Blended Learning هل تتذكر أيام الوباء عندما كان الأطفال وأولياء الأمور والمعلمون يلجأون إلى الإنترنت؟ على الرغم من صعوبته في البداية، فقد ظهر التعلم المدمج كنهج تعليمي قوي يدمج بسلاسة التعليم التقليدي في الغرف الصفية والتعلم عبر الإنترنت، ويتميز هذا الاتجاه بالمرونة في التعليم، خاصة في عالم يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، يكتسب التعلم المدمج شعبية كبيرة لأنه يجعل التعليم في متناول كل طالب ويعزز تجربة التعلم لدى الطلاب، وفي الوقت نفسه، يلبي أنماط التعلم المختلفة ويمهد الطريق للتعلم مدى الحياة في عصر يعتمد على التكنولوجيا.
التعلم التعاوني: Collaborative Learningيدور التعلم التعاوني حول مفهوم تعاون الطلاب في مجموعات صغيرة للعمل على مهمة ما، أو حل مشكلة، العمل معًا يسهل المناقشات بين الطلاب ويساعدهم على التعبير عن وجهات نظرهم، إن الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة يطور نوعية الانفتاح الذهني إلى جانب زيادة مشاركة الطلاب، يبني التعلم التعاوني مهارات التعامل مع الآخرين، والتي تُعد شرطًا أساسيًا للنجاح في كل مجالات اليوم.
التعلم القائم على المشاريع: ) Project-Based Learning وبدلاً من ذلك يشار إليه باسم التعلم بالممارسة، هو استراتيجية تعليم تهدف إلى السماح للطلاب ببناء مهاراتهم ومعارفهم من خلال المشاريع القائمة على المشاكل والعقبات التي قد يواجهونها في العالم الحقيقي، يُعزز التعلم القائم على المشاريع تطوير القدرات والمهارات لدى الطلاب، وفي الوقت نفسه، يحفز نمو المهارات الشخصية مثل حل المشكلات والعمل الجماعي ومهارات التفكير النقدي، ويركز على توفير تجربة تعليمية شاملة للطلاب، لذا فإن تنفيذها في تطوير المناهج الدراسية له أهمية قصوى.
التعلم القائم على الألعاب (Gamification): إن إضفاء اللعب على الطريقة التي يتم بها التعليم من مرحلة الروضة إلى الصف الثاني عشر سيجعل التعليم جذابًا، كما أنه سيحفز الطلاب على الأداء بشكل أفضل، ستعمل تقنية اللعب على تحسين عملية التعلم الشاملة وتكوين بيئة صفية تفاعلية، منذ العودة إلى المدارس بعد الوباء، لاحظ المعلمون بعض المشكلات الشائعة حيث تراجعت مستويات انتباه الطلاب ومستويات الاستيعاب لديهم، يُعد اللعب حلاً رائعًا لإبقاء الطلاب منخرطين في عملية التعلم، فهو يجذب انتباه الطلاب، في الواقع أظهرت الأبحاث نتائج تعليمية أفضل من المتوقع، مثل زيادة التحفيز والمشاركة والتفاعل، ببساطة اللعب يجعل التعلم ممتعًا.
التعليم المهني: هناك تغييرات قوية تحدث في عالم العمل بما في ذلك العولمة والذكاء الاصطناعي المشار إليه سابقًا، سيحتاج الطلاب إلى تعليم مناسب لمستقبل تهيمن عليه هذه الديناميكيات، وتعليم يزودهم بالقدرة على مواصلة التعلم مدى الحياة، إن ظهور التعلم المخصص حديثًا، والمسارات الأكثر قوة المرتبطة بالحياة المهنية، هي وسائل واعدة لتحسين مشاركة الطلاب وحضورهم، وهذا يعني النظر إلى النظام التربوي بأكمله ومواءمته لضمان نجاح جميع الطلاب.
إعادة التفكير في ماذا ومتى وكيف نقوم بتقييم تعلم الطلاب: في حين أنه يتعين علينا بالتأكيد معالجة التراجع في أداء الطلاب في الرياضيات على سبيل المثال في مدارسنا، يجب علينا أن نولي نفس القدر من الاهتمام لضمان حصولنا على الأدوات والوعي بمدى قدرة الطلاب على التعاون والتواصل والإبداع، والأكثر من ذلك أهمية ستكون حول كيفية استخدامنا للتقييمات ليس فقط لفهم ما يعرفه الطلاب، ولكن أيضًا لكيفية تعلمهم وكيفية تحسين عملية التعلم.
يواجه عالم اليوم العديد من التحديات، لذلك اصبح من الضروري أن يكون نظام التعليم مرنًا بما يكفي لإعداد الطلاب لهذا السيناريو المتغير باستمرار، ويُعد تنفيذ الاتجاهات الجديدة في مؤسساتنا التعليمية مكانًا رائعًا للبدء، هدفنا المشترك يجب أن يرتكز على توفير تعليم متميز لجميع الطلبة، يمكننا أن نختلف حول كيفية القيام بذلك، ولكن علينا أن نعمل دائمًا بروح واحدة لإيجاد الحلول التي من شأنها أن تفيد طلبتنا ومجتمعاتنا، بشكل عام، على التعليم ان يركز على إعداد الأفراد لعالم سريع التغير.